هذه الدنيا لمن.. حكاية أربع بنات

هذه الدنيا لمن.. حكاية أربع بنات 54a953b5d5

[size=24]

كثيراً ما أخلو بنفسي لاسترسل مع أفكار وخواطر وتأملات تسعدني أحياناً وتحزنني أحايين وأحايين، فأنا ممن يغلب على واقعه أن ديارنا هذه ديار شقاء والحكمة يعلمها من جلّ وعلا عن أن يكون بعض شأنه عبثا حاشا لربنا الحبيب وكلا ذات أمسية بلل فيها الدمع وسادتي عدت بذاكرتي للوراء، عدت لأيام عملت فيها بمؤسسةٍ ما ضمتني بأخوات فضليات فاضلات ماجدات كريمات، لكن وآه من لكن يصعب عليّ أحياناً أن أفهم كيف يكون المؤمن حقاً موفقاً في كل شأنه (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة) هنا في الدنيا قبل الآخرة كيف أجمع هذا بـ ( الدنيا سجن المؤمن جنة الكافر )، (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) هكذا يقول المؤمنون يوم يدخلون الجنة ويحكون عن الفانية بأنها دار حزن لست متشائمة فرسولنا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه يأمرنا بالتفائل، لست يائسة من رحمة ربي فلا ييأس إلا القوم الكافرون .لكن هناك ما افتقده هناك ما ينقصني، لا أدري ما هو بالضبط، لكني أتذكر معنى الحديث (يمر أحدكم على القبر يتمرغ في ترابه يتمنى لو لم يكن وُلد في هذا الزمان) ! ليس اعتراضاً على الله سبحانه، لكنها الحسرة على واقع مر أليم وربما هذا هو ما أعانيه.. في ليلتي تلك عشت مع أربع أخوات بل أربع قصص حزينة، تدمي القلب، وتشغل الفكر. محنة ( أ . ع ) (لم أرى وقافة عند حدود الشرع مثلها، لم أرى من يغضب لله مثلها لم أرى من يحمل هم الدعوةمثلها . هذا هو دينها وهذه هي قيمها، أما عطاء ربي لها بعدالصحة والعافية فلم تكن جميلة، كانت سمراء عادية الملامح، أما عيوبها فكان فيها بعض حدة وأحياناً كانت تحمل الأمور ما لا تحتمل، لكنها كانت تستجيب للنصح وتسعى للإصلاح إخلاصاً لله قبل كل شيء . تزوجته دون أن تتحدث معه سوى سويعات وشعارها في ذلك أن سؤالها لربها أهم عندها من سؤالها لخاطبها ومع ذلك لم تترك السنة فاستشارت من هو أهل للاستشارة فشجعها على القبول؛ تزوجته خريجاً وكان كل مرتبها من عملها يذهب لبيتها الجديد وبالطبع ما كان يكفي وعانت من آلام الفقر ما عانت، لكنها كانت صابرة محتسبة تمني النفس بصباح مشرق يجد فيها زوجها عملاً يكفيهما شر الفقر. لكن وبكل بساطة وبكل وقاحة جلس صاحبنا في المنزل ينتظر وظيفة تُفصل على مقاسه، رفض أن يبيع أو يشتري ولو (ليموناً) وارتضى لنفسه أن ينام النهار بطوله ليستيقظ في آخره منتظراً زوجته وهي تحمل سلةالخضار ! عذراً معشر الرجال لا يتهمني أحد بأني متحاملة على الرجال، لنفرض أن لدى ( أ .ع ) عيوباً تخفى على مثلي، أي عيوب عند المرأة تلك التي تجعل الرجل يجلس في بيته مثل النساء!!، إن كان رجلاً بحق فليحاول إصلاحاً بينهما فإن فشل معها فليصبر عليها فإن عجز عن ذلك فليخيرها بين الطلاق وبين الجلوس معه هكذا؛ فإن وافقت فهي أدرى بظروفها ولها الله سبحانه وإن رفضت فسرحها بإحسان طالما عجزت أن تمسكها بمعروف وإن كنت أرى أن تقصير الزوجة في حق زوجها لا يبرر تقصيره في حقها ( إن كلٍ إلا آتي الرحمن عبداً ) والحساب يوم القيامة فردي لا يلوم أحد فيه إلا نفسه، هذا إن كانت ( أ، ع ) مقصرة، وأنا والله لا أراها كذلك لكن ربما أراد ربي لها هذا الواقع المر تكفيراً لذنوبها أو تمحيصاً لإيمانها أو رفعاً لدرجاتها أو لعله كل ذاك . ولا شك أنه ما من حال يدوم ؛ فالأيام حبلى يلدن كل جديد. حكاية ( أ . أ ) (لم تبلغ الثانية والعشرين من عمرها إلا وقد كانت خاتمة للمصحف، تركت دراستها الجامعية للتفرغ للقرآن وشعارها أن القرآن يغار، يغار أن يشاركه في صاحبه غيره من العلوم أبرز ما يميزها روحها الحلوة المرحة اللطيفة، التي تشع جواً من البهجة والحبور تفرح به قلوب من حولها، كانت لا تلقي للدنيا بالاً، كانت رغم صغر سنها قوية في مجابهة مصائب دار الفناء هذه، كانت طموحة، كان يهمها أن تُسعد نفسها لتسعد من حولها لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكانت تغدق على أنفسها بألوان الترفيه، لكن هي أيضاً من جنس البشر، كان فيها حدة، وكان فيها بعض دلال فهي لم تتعود سوى الحياة المترفة؛ تزوجته وهي تظن أنه على شاكلتها أو إن لم يكن كذلك فسيكون باستطاعتهما التوافق والتواؤم ، لم تكن تعرفه قيل لها عنه حُكي لها عنه .أخبروها عنه .حدثوها عنه لن أخض في تفاصيل لا كبيرة ولا صغيرة، فقط أقول أنها طُلقت بعد أربعة أشهر فقط ). أنا أؤمن أنه إن وقع طلاق ففي غالب الأمر أن الطرفان على خطأ، لكن أن ينفصل زوجان بعد ثلاثة وأربعة أشهر فهذه جريمة هذه كارثة لم اسألها يوماً ما عن السبب لأني كلما رأيتها تنساب دموعي رغماً عني ما أقسى قدرك وما أشد ابتلائك كيف لا وأنت يتيمة الأم! ولا أدري أي خلل يعتري آلية زواج أهل الاستقامة ؟ قصة ( ن. ف ) (كلما رأيتها تذكرت الصحابيات، أي والله لا أبالغ كانت عفيفة اللسان جداً، وهذه معجزة عندنا نحن معشر النساء ، كانت لا تلبس من الثياب إلا الأسود، كانت تصوم النوافل، كانت تعيش مع القرآن، كانت تعين المحتاج تُطعم الجائع وتعالج المريض وتكسو العاري كانت وكانت وكانت . فقط لم يكن لها أدنى نصيب من الجمال . الآن هي على أعتاب الثلاثين، لم يحدث أن تقدم لها أحد .. ترى هل أصاب الرجال عمى ؟ امتحان ( ن. ش) بدأت تستقيم بسبب صحبتها لهذه المجموعة، التي حكيت لكم عنها سابقاً، كانت عادية مثلها مثل الكثيرات من بنات جنسها، لكني كنت دوماً أُحدث نفسي بأن قدرها الذي أتى بها لهذه المؤسسة وسط هذه المجموعة الخيّرة، إنما هو قدر أراد بها الخير، كل ما أستطيع قوله عنها أنها حُرمت من الأطفال، وما ضمنا مجلس إلا وترقرق الدمع في عينيها طالبةً منا أن ندعو لها بالذرية الصالحة . كنا نخاطب بعضنا : مصيبتك أهون من مصيبتي مشكلتك ليست مثل مشكلتي ظروفك لا تشبه ظروفي . نتحاور ونتناقش ونتشاجر وتعلو أصواتنا ثم ما نلبس أن تسكتنا الدموع . بالطبع ليست كل أيامنا كهذه فالحزن قاسٍ تحمله والألم لا تحتمله النفس طويلاً سمعتها ذات يوم من إحدى الأخوات الموفقات ( أن رضاءنا عن أنفسنا وعن الحياة لا نستمده من وضعنا فيها بل نستمده من علاقتنا برب الأرباب، فمتى رضي هو عنا فكل الذي فوق التراب تراب ) لا أنكر مثل هذه الحقيقة الرائعة . لكن في الوقت نفسه لم يخلق لنا الله سبحانه هذه الدنيا دار عذاب، بل هي حلوة خضرةوالله مستخلفنا فيها فناظر كيف نعمل . ما من مؤمن إلا وهو مصاب أو مبتلى هناك من أهل الأستقامة من يحلو له تعذيبك بهذا فيصر على أن ما بك بلاءً وليس ابتلاءً ولو كنت ممن يسعى ويجاهد كي يستقيم . إن مثل هؤلاء يزرعون في النفس الإحباط واليأس . من نظنه على خير لم لا نخاطبه بأن أشد الناس بلاءً الأنبياء فالأمثل فالأمثل ؟ ومن نظنه على غير ذلك لم لا نعظه ونخاطبه بما يناسب حاله إما ترغيباً وإما ترهيباً من أين لي بيقين يدك حصون المصائب؟ من أين لي بصبر يهز الجبال الراسيات ؟ من أين لي بحسن ظنٍ بالله سبحانه يحيل أيامي السوداء بيضاء مشرقة ؟ من أين ببصيرة تريني داخل المحنة منحة وداخل النقمة نعمة؟ من أين لي بزهدٍ يجعل الدنيا في يدي وليست في قلبي؟ من أين لي بشكر أمنحه لربي وأنا حينها معدمة فقيرة كسيرة ذليلة؟ .من أين برضا عن حالي وهو حينها أتعس حال ؟ من أين لي راحة النفس وهدوء البال ؟ من أين لي ؟ من أين لي؟ رحماك ربي بمن لا يريد سواك والجنة هو ومن يحب ..آمينgreen]].

عبر والله
تسلم يابوالزوز

» حكاية «فأر» تحول إلى «نمر»
» قصة ماشطة بنات فرعون هذا هو الايمان
» قصيدة حكاية الايام
» قصة جميلة عن الدنيا الفانية
» حكاية الدب من منظومة عشرة الاخوان