منقول صحيفة الراي العام
هل يجدي سلاح المقاطعة؟
غـلاء اللحـوم .. مواطن: ذوو الدخل المحدود قاطعوا شراء اللحوم منذ فترة طويلة لقلة حيلتهم
موجة عاتية من الغلاء تشهدها الأسواق منذ وقت ليست بالقصير فلا يكاد يمر يوم على المواطنين إلا ويجدوا فيه سعر سلعة اليوم تحول الى سعر آخر في الغد لدرجة ان احد المواطنين قال متندراً عن الارتفاع الجنوني في الاسعار وعدم استقرار السلع ان السلعة قبل الميزان بسعر وعندما يتم وزنها يتغير ذلك السعر ولكن برزت خلال الايام الماضية اصوات تنادي المستهلكين بمقاطعة بعض السلع بهدف الضغط على التجار مما سيدفعهم لتخفيض الاسعار بصورة تلقائية وكان آخر هذه الاصوات ضد بعض السلع التي وصلت اسعارها لارقام خرافية، ما جعل جمعية حماية المستهلك واللجنة الاقتصادية ولاية الخرطوم تناشد المواطنين بضرورة مقاطعة اللحوم بدءاً من الاحد المقبل ولكن خبراء اقتصاديين اكدوا ان الخطوة صعبة في ظل عدم وجود بدائل وقالوا ان مثل هذه الخطوة ممكنة عندما تكون البدائل سعرها اقل وليس كما هو الآن لأن البدائل اسعارها مرتفعة ايضاً.
ويقول المواطن عبد الباقي ادريس معلم بمرحلة الاساس ان ذوي الدخل المحدود قاطعوا اللحوم وغيرها من السلع منذ فترة طويلة بصورة تلقائية لقلة حيلتهم وعدم مقدرتهم على الشراء وبالتالي فإن مسألة مقاطعة اللحوم تصبح مثل الحرث في البحر لأن من يشترون اللحوم الآن هم المقتدرون وبامكانهم شراؤها باي ثمن وقال الاجدى ان تضع الدولة حداً لهذا الغلاء الضارب بدعم السوق ووضع تعرفة محددة لمجمل الاسعار ويضيف فالمواطن يعاني من اسعار كل السلع وليست سلعة محددة بل هناك من ليست في استطاعتهم شراء »كيس الرغيف« ناهيك عن اللحوم ولا يمكن للدولة ان تترك السوق كغول يفترس الجميع بلا رحمة.
أما »محاسن ادريس« بائعة شاي تقول متسائلة في حيرة من امرها »من الذي باستطاعته شراء اللحوم من الفقراء مثلنا فقد نسينا آخر مرة اشترينا فيها »لحمة« فاسعارها الغالية لا تجعلنا نفكر فيها مجرد فكرة والغالي متروك وقالت نتمنى ان يأتي يوم نشعر فيه بأمان من التحول المفاجئ في اسعار السلع في كل يوم واضافت من المستحيل ان تجد سلعة لم يتضاعف سعرها بل ان السلعة من الممكن ان يتحول سعرها في اليوم لاكثر من مرة فلا يوجد من يراقب التجار فهم يضعون الاسعار على مزاجهم وعندما تساءل الواحد منهم لماذا السعر هكذا يقول »ليك بجفاء هذا هو السعر ولو ما عاجبك خليه ونضيف نحن اصبحنا في حالة مقاطعة مستمرة لمعظم السلع ولكن لم يتغير شئ فالاسعار كما هي »اشترينا أم ابينا«.
بينما يقول الخبير الاقتصادي د. »عمر الامين« ان الغلاء موجة عالمية لافكاك منه الا بتشجيع الانتاج ودعم السلع الضرورية وقال لا يمكن لأية جهة التحكم في تحديد الاسعار طالما ان »السوق حر«. ويضيف فالمقاطعة سواء كانت من اللحوم او غيرها من السلع لا تجدي نفعاً الا في حالة وجود بدائل ارخص ثمناً وسعرها يناسب دخل جميع الشرائح وتساءل قائلاً من الذي يشتري اللحوم الآن؟ هل هم ذوو الدخل المحدود؟ الاجابة قطعاً لا فالذين يتحكمون في حركة الاسواق الآن هم من لديه سيولة مالية مريحة تمكنهم من شراء السلع مهما عظمت ويضيف فمحاربة الغلاء سلاحها ليس المقاطعة فحسب وانما الوفرة فكلما زاد العرض قل السعر وهذا يحدث كنتيجة حتمية للمنافسة في السوق عندها تكون السلعة متوفرة بصورة مريحة ويضيف وهذا لا يتأتى كما اسلفت الا بدعم الانتاج من الدولة.
أما »عبد الجبار العركي« يعمل جزار بميدان جاكسون يؤكد ان ارتفاع الاسعار ليس بفعل الجزارين وانما للارتفاع الجنوني في اسعار المواشي وقال متسائلاً هل الغلاء في اللحوم وحدها ام شامل كل السلع ويضيف لا احد يتمنى الغلاء لانه يفقد التاجر او الجزار الكثير من الزبائن مما يعرض بضاعته للكساد الامر الذي يجعله يفكر بصورة جادة في البحث عن بدائل اخرى ويضيف فالكثير من الجزارين هجروا عملهم جراء انصراف معظم الزبائن عنهم لعدم مقدرتهم على شراء اللحوم وقال ان اصحاب المواشي اصبحوا يفرضون مبالغ خرافية مقابل شراء مواشيهم فليس باستطاعتنا تخفيض الاسعار الا عندما يتنازل اصحاب المواشي عن الاسعار الموجودة حالياً، وختم حديثه قائلاً ليست لدينا مشكلة في ان نخفض الاسعار ولكن يجب ان تكون عملية تخفيض الاسعار متكاملة ومصلحتنا وارباحنا تزيد في ظل الاسعار المناسبة التي تمكن معظم الشرائح من الشراء.
بينما يذهب د. »ياسر ميرغني« الامين العام لجمعية حماية المستهلك الى ان الدعوة للمقاطعة ليست للحوم فحسب وانما كل السلع التي زاد سعرها عن المعقول واضاف وجدنا مقاطعة اللحوم لان الزيادة في سعرها غير مبررة وقال ان المقاطعة تشمل كافة انواع اللحوم الحمراء والبيضاء مشيراً الى ان المستهلك لن يتضرر صحياً من مقاطعة اللحوم وقال ان الدولة تقف متفرجة على الغلاء دون ان تحرك ساكناً مبيناً ان خطوة المقاطعة الطريق امامها شائك وصعباً ولكن نريد ان نجرب حتى نلفت انتباه المسؤولين بالدولة بالكارثة التي تحل بنا قبل شهرين من عيد الاضحى المبارك حيث يتمكن معظم المستهلكين من الحصول على الاضحية ويضيف فهذا كل المقصود من هذه المرحلة وقال لن يضير الناس شئ ان هم تركوا شراء اللحوم فمثلاً اخواننا الاقباط يصومون »55« يوما من كل عام عن اكل اللحوم وهم اكثر صحة واكثر شباباً مشيراً الى ان سلاح مقاطعة اللحوم مجرب في كل جمعيات حماية المستهلك على مستوى العالم واقرب دولة عربية الينا قاطعت اللحوم ونجحت في فكرتها من تحجيم سعرها هي مصر ثم الاردن موضحاً ان الدور الحالي الهادف لدعوة المستهلكين لمقاطعة اللحوم دور توعوي متكامل بين جميع جمعيات حماية المستهلك ومجلس تشريعي ولاية الخرطوم واللجنة الاقتصادية بالمجلس مؤكداً ان البداية الفعلية لمقاطعة اللحوم ستبدأ من الاحد المقبل وقال ميرغني نحن لدينا ثقة في نجاح الفكرة لاننا لدينا تجارب في ولاية القضارف فعندما قاطع الناس اللحوم اصبح سعرها الآن »14« جنيها للكيلو وكذلك في عطبرة فعندما قاطع المستهلكون البطيخ وصل سعره الى »30« جنيها وبعد تنفيذ المقاطعة تم رميه في »عربات القمامة«.
واشار ميرغني الى ان المستهلكين المستهدفين بالمقاطعة هم اصلاً مقاطعون نسبة للغلاء ولعدم قدرتهم الشرائية ولكن اردنا من هذه الحملة لفت نظر الجهات المسؤولة ان تحرير الاسعار لا يعني الفوضى التي نعيشها هذه الايام مبيناً ان التجار لن يقفوا مكتوفي الايدي بل سيحاولون افشال هذه الحملة »بتعطيل العرض«. وقال من المفترض ان تراقب الدولة المسالخ وتتأكد من حجم الذبيح الذي ينتجه كل مسلخ حتى لا يكون هناك تلاعب بتقليل الذبيح ودعا الدولة بأن لا تسمح للتجار بالمضاربة مشيراً الى ان الناس ربما يتساءلون عن البدائل فنقول لهم ان كيلو العدس سعره »6« جنيهات و بالامكان ان يكون بديلاً مبيناً ان الحملة شعارها »الغالي متروك« وقال لابد من وضع ديباجة على السلعة تحدد السعر حتى تكون هناك مفاضلة في الاسعار للمستهلكين.
وقال احمد دولة رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم لـ »الرأي العام« ان مقاطعة المواطنين للحوم لا تعني موتهم واكد التزام المجلس باجازة مؤقتة لقانون حماية المستهلك. مشيراً الى ان اهم بند في هذا القانون هو فرض وضع الديباجات على كل السلع حتى على الطماطم والبطيخ لتكون هناك مفاضلة من الاسعار وقال لابد من احاطة المستهلك بالسعر المحدد للسلعة بوضع ديباجة تحمل سعر السلعة مبيناً ان لا حماية للمستهلك الا بوضع هذه الديباجة التي ستكون ملزمة للجميع ويضيف سيكون القانون رادعا لكل من يخالف هذا النظام وقال ان التجار الآن يفرضون الاسعار على مزاجهم ولذا لابد من وضع ضابط للسوق.
وقال ادعو جميع المستهلكين ان يكون لديهم دور كمستهلكين في تخفيض الاسعار بوقفتهم جميعاً بمقاطعة كل ما زاد سعره عن المقعول سواء لحوم او غيرها ويضيف نحن ماضون في هذا الاتجاه وسوف نشرك كل المستهلكين. مشيراً الى وجود قانون اصلاً مقدم من حماية المستهلك للحكومة لكنه لم يعتمد ولم تكن لديه آلية لتنفيذه وقال نحن سنسعى لدعم هذا القانون بالآلية التي ستنقذه سواء عبر نيابات او بوليس ويضيف وسيكون القانون رادعا لكل من يحاول تجاوزه.